Friday, December 18, 2009

الهجرة رسالة في فقه الواقع

بسم الله الرحمن الرحيم
تمر علينا كل عام ذكرى الهجرة النبوية ، هذه الذكرى التي تمثل قبسا حقيقيا من قبسات تاريخنا العريق الحافل بالكثير من هذه الأحداث التي تحمل بين طياتها ملاحما فكرية وحضارية يجدر بحاملي لواء إقامة الحضارة أن يقفوا أمامها وقفة الدارس المتأمل الذي يكتب وثيقة حاضره بمداد ماضيه لتكون معزوفة متناغمة من الإبداع يحملها أساس ثابت من الخبرات والهوية الواثقة الراسخة ، وتكمن أهمية الهجرة بين هذه الاحداث أنها أتت بين مرحلتين متباينتين من مراحل إقامة هذه الحضارة الإسلامية الغراء ، وكانت نقلة نوعية لهذه العصبة المؤمنة وجاءت بعدها انجازات متتالية وخطوات مبهرة في إقامة هذا الصرح العظيم.
ومع تكاثر الدروس والفوائد من هذه الحادثة العظيمة ، آثرت أن نقف هنا مع طيف واحد من هذه الأطياف الألقة اللامعة ، والذي يمثل نبراسا متوازنا لحاملي هم هذه الحضارة الإسلامية في فقه قراءة الواقع وإعادة تقييم المساحات الفاعلة في طريق نهضتهم ودعوتهم ، ويضرب مثلا جديرا بالاحتذاء في المرونة الحقيقية في مواجهة العقبات والأزمات التي كانت ولا تزال تعترض كل صاحب فكرة تتعارض حقيقة فكرته مع مصالح واهواء غيره ، ولا سيما إن كانت الفكرة هي نفس الفكرة والهدف هو نفس الهدف وربما كانت العوائق متشابهة إلى حد كبير في تأثيرها على سير الحركة .
إن خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة والتي تمثل بلدته التي ولد فيها ، ونزل عليه الوحي فيها أول ما نزل ، وفيها كعبة الله المشرفة ، بل كانت تمثل المقام الأول والوطن لحاملي الدعوة ومعتنقي الدين الاسلامي في هذه الايام ؛ خروج النبي من هذا كله إلى دار أخرى يحمل في حقيقته رسالة واضحة إلى حاملي هذه الحضارة مفادها الرئيسي هو ضرورة وضوح الهدف وبيع الوسائل كلها فداء له ، وكما أن الاسلام حرم عبادة الأوثان فإن عبادة الوسائل من أولى المحرمات في طريق هذه الدعوة.
عندما بدأ النبي دعوته في المجتمع المكي كانت المرحلة تتطلب مثابرة لتكوين مجموعة من الرجال يؤمنون بهذه الدعوة ايمانا اشد من ايمانهم بذواتهم ، ويصبرون على أي إيذاء أو إغراء يُقصد من ورائه إثنائهم عن توحيد الله عز وجل ، ولذا كان كافيا ومرضيا القيام بدور المبشرين والناصحين في أقوامهم وتعبئتهم نفسيا وروحيا لتحمل الاضطهاد من أعدائهم والثبات على مبدئهم أمام طوفان الكفر والإلحاد الذي كان يضرب بجذوره في مكة .
تطلب الحال بعد ذلك تطويرا واتساعا أكثر من ذلك ، فقد كان على المسلمين أن يقدموا نموذجا حقيقيا لمجتمع إسلامي متكامل ، ليكون مركز إشعاع حضاري وبؤرة فاعلة لغيره من المجتمعات الموجودة وقتها ، ولم تكن مكة ولا المناخ السائد فيها ملائما لتجاوز هذه المرحلة بنجاح وفاعلية ، فكان قرار الهجرة بمثابة تحرر من كثير من القيود السياسية والفكرية ، ومناورة استراتيجية رائعة اثبتت فاعليتها وجدواها ، وربما كان هذا القرار يمثل للبعض مغامرة جريئة غير محسوبة العواقب ، ولكنها كانت بداية الانطلاق الحقيقي لهذه الفكرة المباركة ، وبداية تكوين المجتمع الرباني الذي شهدت له الدنيا كلها بعد ذلك.
لم يكن التخلي المرحلي عن مكة بمثابة اهمال لها ولا جحودا لفضلها ، ولا تنازلا عنها مع اهميتها ومكانتها في الدعوة ، ولكنه كان قرارا مؤقتا لم يخل بهدف الرسالة الأعظم وحقيقتها القائمة ، ودليل ذلك عودة النبي صلى الله عليه وسلم إليها فاتحا بعد سنوات من المقام في دار الهجرة ، وتحطيم أصنامها ، وإعادتها رمزا عقائديا خفاقا ، وحقق النبي بذلك نصرا هادئا على أعداء هذه الدعوة ، والتي ربما كانت ستظل سنينا حبيسة هذا الإطار المكاني والسياسي الضيق لا تزيدها الأيام إلا تعذيبا وشهداء وصداما مع صناديد قريش ، ولكنها العقلية الواعية التي لابد منها لكل صاحب فكرة وحامل دعوة ...
حري بأصحاب الدعوات اليوم أن يتخذوا من هذه الحادثة نبراسا ونموذجا ، فيحددوا أهدافهم جيدا ، ومن ثم يحررون عقولهم وأفئدتهم من قيود الوسائل أيا كانت ، وأن يجيدوا دراسة المساحات التي يعملون بها وأن يعملوا على تقييمها دائما والولوج بدعوتهم إلى أكثر الميادين فاعلية ، وليس معنى هذا التخلي نهائيا عن المساحات المغلقة ، ولكنها مناورة الواعي المفكر الذي يعرف ما يريده وما ينقصه ،حتى يكتب لهم النصروتكتب لافكارهم الحياة والنفاذ .

أخوكم/
عمرو عبد الباري
المقال على موقع اخوان اون لاين


http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=58151&SecID=391

Thursday, December 3, 2009

لحظة بوح ....!!

كتبتها في أثناء لحظات الافاقة ........

لحظة بوح...!

ــــــــــ

يا لائماً قلبي

تمهلْ...

فالحقيقةُ كلُها

في زهرةٍ

بَعثَت إلى قلبي

رحيقاً

فاستفاقْ

ليعيشَ حلماً تائهاً

بين الأنينِ

وبين أزهارِ الوفاقْ

وأعيشُ أشدو

-كلما لاحت ليَ الذِّكْرى-

بألحانِ الحنينِ

والاشتياقْ

بوحٌ برئٌ عانقَتهُ مشاعري

لم أنسَ يوماً

طيبَ أيامِ العناقْ

قولوا

بأنَّ القلبَ أوردني مهالكَ

لستُ أعلَمُها

فقولوا كيفما شِئتُمْ

فقلبي

ليس يَعنيه السباقْ

قلبٌ

عرفتُ براءةَ الألحانِ

في جنباتِهِ

دَهراً

وفوحَ نَسائمِ الأحلامِ

باقْ

لا تسألوا عَنْ زهرتي

فالكونُ يعرفُ

أنها باءَتْ بقلبٍ

ليسَ يعرفهُ النِّفاقْ

لا تسألوا عنها

فَبَوْحِي

ليسَ يعرفُ كيفَ يُنكِرُ

مثلَها

أوْ كيفَ يُفْصِحُ

عن سريرةِ حالمٍ

أغراهُ نورُ الطُّهرِ

حتى صارَ ينعمُ بالفِراقْ

قولوا كما شئتمْ

فقلبي

سوفَ يشدو

سوفَ يحلمُ

سوفَ يحيا

في رحابِ سحائبِ الأشواقِ

يحملهُ البُراقْ...!!

*********

شعر/

عمرو أحمد عبد الباري

بكاريوس الطب والجراحة

جامعة المنصورة

2/12/2009